ابو معاذ عضو مشارك
الجنس : عدد الرسائل : 19 رقم العضوية : 5 السٌّمعَة : 0 نقاط الترشيح : 0 تاريخ التسجيل : 25/08/2007
| موضوع: ودارت الأيام الأحد يونيو 08, 2008 10:44 am | |
| ودارت الأيام
رجل غني منَّ الله عليه بالمال الوفير والخير الكثير، تزوج من امرأة طيبة صالحة محبة للخير فكانت نعم الزوجة له، أما هو فكان مع غناه وكثرة ماله شديد البخل أناني الطبع وكانت زوجته تحاول بشتى الطرق كي تصلح من حاله وتهذب خلقه إلا أنه كان عنيدا شديد المراس حديد الطبع.
وفي يوم كان جالسا على مائدة الطعام والزوجة الطيبة جالسة بجانبه تقدم له أطباق الطعام وهو يلتهمها الطبق تلو الآخر، وأثناء ذلك طرق الباب سائل فقير قد أخذ منه الجوع كل مأخذ يتمنى لقمة كي يسكت بها جوعه، فقام الرجل الغني ليفتح الباب فلما رأى السائل واقفا غضب غضبا شديدا واحمرت عيناه وانتفخت أوداجه وانتهره وطرده شر طردة ثم أغلق الباب بشدة خلفه وهو يسب ويلعن.
فقالت الزوجة: خيرا، ما الذي حدث؟!
قال: سائل سخيف نغَّص عليَّ طعامي، كم أكره هؤلاء الشحاذين.
قالت الزوجة: لو أعطيته لقمة.
قال: أعطيه لقمة!! هذا مالي لقد تعبت فيه وجمعته بكدي وعرقي أوزعه على هذا وأمثاله!!
قالت الزوجة: ولكن الخير كثير ولله الحمد.
قال: ماذا؟ وتردين عليَّ أيضا؟ اسكتي وإلا ألحقتك بأهلك.
قالت الزوجة: أتكلمني بهذا الأسلوب بعد هذه العشرة الطويلة؟!
قال: ألا زلت تردين عليّ اذهبي فأنت طالق.
ودارت الأيام وتوالت الأعوام وشاء الله عز وجل أن تتزوج المرأة برجل آخر مستقيم الخلق هادئ الطبع رقيق القلب وعاشت معه أياما جميلة ولحظات سعيدة، أما زوجها الأول فقد زالت نعمته وافتقر وساءت حاله، وهكذا هي الأيام لا تدوم على حال.
وفي أحد الأيام كان الرجل الثاني جالسا مع زوجته على مائدة الطعام يأكلان مما رزقهما الله وإذا بالباب يُطرق.
فقالت الزوجة: من الطارق؟
قال: سائل فقير قد أوشك على الموت من شدة الجوع.
فقال الزوج: خذي هذه الدجاجة وأعطيها إياه.
فحملت الزوجة الدجاجة وخرجت بها إلى السائل فإذا السائل هو زوجها الأول فأعطته الدجاجة ورجعت وهي تبكي، فلما رآها زوجها على هذه الحالة سألها قائلا: ما الذي يبكيك؟ ماذا حدث؟!
قالت الزوجة: إن السائل الذي بالباب كان زوجي، وذكرت له قصتها مع ذلك السائل الذي انتهره زوجها الأول وطرده.
فقال لها زوجها: ومم تعجبين وأنا والله السائل الأول الذي طردني زوجك الأول.(1)
هكذا هي الأيام لا تدوم على حال والنعمة زائلة خاصة لمن لا يعرف حق الله فيها فالواجب على من رزقه الله ومنَّ عليه بالمال والثروة أن يؤدي حق الله وان يزكي ويتصدق على الفقراء والمساكين واليتامى والسائلين وأن يحرص على أن يشارك غيره فيما رزقه الله من نعمة وليعلم أن دوام الحال من المحال، ومثلما يعمل الإنسان يلقى جزاء عمله والجزاء من جنس العمل.
قال أبو البقاء الرّندي: لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغرُّ بطيب العيش إنسان هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شانُ
قال الله تعالى: " لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ".(2)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا".(3)
(1) جريدة الرأي العام بتصرف
(2) سورة البقرة: الآية 272
(3) متفق عليه
من كتاب "كما تدين تدان" نسئلكم الدعاء | |
|