الحاجة أمُّ الاختراع.. هذا ما يطبقه بعض المصريين هذه الأيام للتغلب على مصاريف الزواج المرتفعة.
فبعد أن جرّب البعض نظام التقسيط لتجهيز عش الزوجية، لجأ البعض الآخر
إلى إيجار كل مستلزمات الزواج، بداية من قاعة الأفراح، فستان العروس
واكسسواراتها فضلا عن بدلة العريس.
وأخيرا عمد جانب منهم إلى تأجير الشَبْكَة من بعض محلات المجوهرات التي
تأخذ مبلغا من المال، يختلف حسب قيمة الشبكة كتأمين مع أخذ احتياطات أخرى
لضمان استرجاع الشبكة.
بعض المصريين اتبعوا حيلة أخرى لتظهر العروس مزينة بالمجوهرات، وهي
الاستعانة بما يسمى «الذهب الصيني»، وهو نوع من الحلي
المستورد من الصين، خصوصا وأنه يأخذ شكل الذهب رغم انه مصنوع بالكامل من
مواد معدنية.
ويبلغ سعر الغرام منه 12 جنيها لا غير (نحو دولارين)، بينما يقدر سعر غرام الذهب الحقيقي عيار 21 حوالي 145 جنيها (نحو 26 دولارا).
محمود الأسمر (26 سنة) عامل في محل بقالة بحي عابدين بوسط القاهرة،
أستأجر طقما ذهبيا مكونا من 6 قطع لتتزين به خطيبته في حفل خطبتهما، وتخرج
به على صديقاتها وعلى المدعوين.
كلفه الطقم ألف جنيه (180 دولارا) من أحد محال المجوهرات بمنطقة
الحسين. وكتب الأسمر إيصال أمانة بقيمة الطقم الذهبي، استرده عندما أعاد
الشبكة سليمة ثاني يوم حفل الخطبة.
ويقول الأسمر: «أرادت خطيبتي أن تتباهى أمام صديقاتها وأقاربها،
وكنا نريد شراء شبكة في حدود سبعة آلاف جنيه، إلا أن ارتفاع سعر الذهب جعل
هذا المبلغ لا يشتري شيئا قيما».
وتابع: «حاولنا البحث عن حل فكان أمامنا اثنان، الأول شراء شبكة
من الذهب الصيني، والثاني تأجير شبكة بمناسبة الاحتفال، على أمل أن تنخفض
أسعار الذهب ونتمكن من شراء شبكة بالمبلغ الذي خصصناه لها».
أما دينا عبد الله (28 سنة)، وتعمل محاسبة في إحدى المصالح الحكومية،
تزوجت قبل شهرين، فتقول إنها استأجرت فستان زفافها من محل خياطة مجاور
لبيتها بالقاهرة، مقابل 950 جنيها، لأن فكرة شراء فستان الفرح مكلفة جدا،
ثم أن الفستان بالنسبة لها لا يستخدم سوى مرة واحدة في العمر ثم يطوى
ويركن في خزانة أو حقيبة».
لهذا ترى دينا أنه لا غضاضة في أن تستأجر العروس فستان فرحها، خاصة أن
الأسعار أصبحت مرتفعة بشكل عام، كما ان تصميم فستان جديد قد يستغرق وقتا
طويلا ويحتاج لعدة زيارات للمصمم لقياسه وتجربته، وهو قد لا يكون متاحا
خاصة مع انشغال العروس في الفترة التي تسبق حفل الزفاف.
وتعلق هبة مدحت، صاحبة محل لتأجير فساتين الزفاف، أن «أحدث صيحة
في تأجير فساتين الزفاف هي التأجير «للمرة الأولى»، أي أن
العروس تختار تصميم الفستان الذي ستكون أول مستأجرة له ونفصله لها خصيصا
رغم أنها تدفع ثمن الإيجار فقط، أما بالنسبة لنا، فهي سترتديه مرة واحدة
ثم تعيده للمحل، ليعيد تأجيره مرات أخرى».
وتوضح أن تكلفة تفصيل فستان جديد تتراوح بين 8 آلاف جنيه إلى10000 ألف جنيه حسب المواد المستخدمة فيه».
من جهته يقول أحمد كامل، وهو صاحب محل مجوهرات بالحسين متخصص في تأجير
أطقم الذهب للعرسان الجدد انه يحصل «على مبالغ مالية مقابل الإيجار
تختلف حسب قيمة الطقم، كما أحصل على ضمانات قانونية لأضمن استعادة
الشَّبْكَة».
ويبرر كامل لجوءه إلى تأجير الأطقم الذهبية قائلا «السوق نايم، وكثير من الشباب أحوالهم المالية صعبة.
منذ خمس سنوات كان بإمكان العريس أن يشتري شبكة محترمة بمبلغ لا يتجاوز
8 آلاف جنيه، الآن ربما يستطيع شراء شبكة معقولة بـ12 ألف جنيه».
ورغم ان الظاهرة اجتماعية وتفرضها الظروف الاقتصادية، إلا ان أستاذ
الطب النفسي وخبير العلاقات الزوجية، الدكتور خليل فاضل يشير إلى أن
«تأجير فستان الزفاف لا ضرر فيه لأن الفستان تكلفته باهظة ولن
يستخدم سوى مرة واحدة، لكن أن يصل الأمر إلى تأجير الشبكة للتفاخر بها
أمام الأقارب والأصدقاء فهذا رياء اجتماعي أفرزته التعاملات غير السوية في
المجتمع المصري».
ويضيف أن الظاهرة تترك تأثيرات نفسية وأنه لا حاجة إليها في الوقت
الحالي. مفسرا أنه «لم يعد العديد من المصريين يقيمون حفلات صاخبة
للخطبة، فهؤلاء، وغالبيتهم من الطبقة الوسطى، يكتفون بجلسة عائلية تضم
أسرتي العروسين، وبالتالي لا داعي للتفاخر بشكل مبالغ فيه، لكن الذي يحدث
أن العائلات تقارن مما يحزّ في نفس أهل العروس ويثقل كاهل أهل العريس،
والنتيجة انه أصبحت هناك حاجة لتأجير الشبكة أو شراء شبكة صيني أو
الاستدانة من كل المعارف لتوفير متطلبات الزفاف».