تميز مهاتير محمد - رئيس الوزراء السابق لماليزيا- بالعناد ضد الانتقادات الموجهة إلى سياساته في قيادة بلاده، فعندما سئل قبل شهر واحد من تقاعده حول كيفية تجنب ماليزيا الأزمة الاقتصادية (في عام 1997) والتي أدت إلى انهيار اقتصاديات دول آسيوية أخرى، فأجاب بسخرية: "الدرس الأول: لا تأخذ بنصيحة صندوق النقد الدولي".
كان ذلك العناد هو خلاصة تجربته، وخلاصة سلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي أجراها في ماليزيا- بشكل يراعي خصوصية بلاده- والتي تمكن من خلالها من رفع دخل الفرد من 300 دولار إلى 5000 دولار سنويا، ورفع معدل النمو إلى 4.5%، ووضع ماليزيا في طليعة النمور الآسيوية.
انتهج مهاتير محمد في قيادته لماليزيا سياسة اقتصادية تتميز بالخصوصية وطول الأمد، فقد قرر فرض قيود صارمة على السياسات النقدية، ومنح البنك المركزي الماليزي صلاحيات مطلقة لاتخاذ ما يراه مناسباً من قرارات تهدف إلى منع تهريب النقد الأجنبي، وزيادة عوائد الصادرات من العملة الصعبة، وبذلك كانت ماليزيا هي الدولة الوحيدة التي نجت من طوفان الأزمة الآسيوية.
ولكن ذلك لم يحل دون تعرضه لانتقادات حادة لأسلوب إدارته للأزمة الاقتصادية التي حاقت ببلاده والعديد من دول جنوب شرق آسيا في عام 1997، وكانت تلك الانتقادات من جانب المبشرين بالعولمة، الذين يؤمنون بحتميتها، وبأن شيئاً أو أحداً لا يستطيع أن يقف أمام طوفانها.
وقد كان مهاتير شجاعاً كذلك عندما ألقى بمسئولية الأزمة الاقتصادية الآسيوية على المضاربات التي يقودها الخبير المالي اليهودي جورج سوروس، وكان إعلان ذلك كافياً لإغضاب اليهود في العالم، فسارعوا إلى اتهام مهاتير بمعاداة السامية.