المراة ودورها فى نهضة الأمة
المرأة: مثلها مثل الرجل طاقة عظيمة، وقوة كبيرة فى الخير أو الشر، كما أنها شريكة فى مشروع نهضة الأمة لأنها المحضن الذى يربى الأجيال ويخرج الأبطال كما قال الشاعر حافظ إبراهيم:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
أما إذا تُركت المرأة إلى تيارات الفساد فإنها تكون معول هدم للأمة وباب فتنة كبرى ومصيبة عظمى
وحينما عَلِمَ أعداءُ الإسلام قيمة المرأة فى المجتمع؛ كادوا لها ودبروا لها المخططات والله سبحانه وتعالى قد حذرنا رجالا ونساءً من كيد أعداء الإسلام فقال سبحانه وتعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة: 120) ، وقال: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءًً) (النساء : 89) فاجتمع أعداء الإسلام وقال كبيرهم: من لى منكم يمزق القرآن، فقام واحد من الأغبياء فأخذ المصحف يمزقه، فقال: ما أردت هذا يا غبى وإنما أردت تمزيق القرآن من قلوب المسلمين، أردت نشر الرذيلة، ونشر الجريمة، وإخراج صورة المرأة فى المجلة، وفى الشاشة وفى الشارع وقد نجح الأعداء فى مخططاتهم حتى شاعت الفاحشة بين المسلمين خاصة من خلال المرأة لِمَا جبلت عليه المرأة من الرقة والضعف فدواعى الاغراء فيها أشد منها فى الرجال، ولذلك كان أكثر أهل النار من النساء كما جاء فى بعض الأحاديث .
ومن هنا فإن المرأة مدعوة إلى التمسك بالإسلام والأخذ به عقيدة وعبادة مثل الرجل تماماً، فالنساء شقائق الرجال، والأمة فى حاجة إلى جهودهن، وتكاتفهن مع الرجال لتكوين المجتمع القوى المعتصم بحبل الله فللنساء دور فى بناء المجتمع والأسرة لابد من تفعيله وليس دور المرأة مقتصراً على الإرضاع والطبخ بل هناك أدوار أهم من ذلك وأعظم وهى تربية النشء ونشر الخير والمشاركة فى بناء الأسرة المسلمة التى تستطيع مواجهة التحديات التى تزداد شراسه يوماً بعد يوم .
المرأة ذات الشخصية المسلمة؛ يكون الحق والفضيلة غايتها؛ والقرآن والسنة منهج حياتها، بهما تقتدى، وأثرهُما تقتفى.
فهى تدرك أن العمل لهذا الدين مسئولية المسلمين جميعا، الرجال والنساء كما قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) (التوبة: 71) فلم يخص الحق عز وجل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالرجال دون النساء، ولذلك فهى تستشعر مسئولياتها ودورها فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والدعوة إلى الخير سواء فى محيط بيتها أو خارجه وإن كان هذا الدور يختلف من حيث التنوع، فدور المرأة الدعوى فى بيتها من أهم وأعظم الأدوار وهذا ليس معناه أن تظل فى البيت دون أن تمارس دعوتها فى المجتمع، كما لا أدعوها للخروج دون ضوابط، فإذا كان الأصل مشاركة الرجل فى كثير من الأمور، فيجب أن تكون هذه المشاركة فى صورة تليق بالمرأة وبتكريم الله لها، وأن تأمن المرأة الفتنة عند ممارساتها لهذا الدور .
لقد كانت المرأة تمارس دورها الإيجابى وتتحمل مسئوليتها مع الرجل فى صدر الإسلام فى تكامل وتعاضد من ذلك مثلا ما ذكره الإمام ابن كثير من ردّ المرأة على عمر رضى الله عنه فى المسجد فى قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علنا وقوله: "أصابت امرأة وأخطأ عمر" قال الإمام ابن كثير: إسنادها جيد ، ومراجعة السيدة عائشة رضى الله عنها لكثير من الصحابة فى فتاواهم واجتهاداتهم واستدراكها على بعضهم .
وللنساء أيضاً دور مهم وكبير فى صناعة رجالات الأمة وعلمائها فى الماضى والحاضر، فالإمام الشافعى كان يحضر مجلس العلم الذى تعقده السيدة (نفيسة بنت الحسين بن زيد) فى مسجدها بالفسطاط وكانت تعلِّم فيه الحديث الشريف.
ونحن نذكر فى هذا السياق من النساء المجاهدات أم صلاح الدين التى كان يبكى وليدها، فكان خاله يدعو أخته لتهدئة الابن صلاح الدين فترد عليه قائلة: اتركه حتى يشتد عوده كى يقوى على محاربة الصليبيين ويكون صوته عاليا فى المعركة؛ وأم نور الدين محمود التى ربته على القرآن، فكان مثالا للمجاهد الصادق، وأم الإمام أحمد بن حنبل الذى كان يطلب النصيحة من أمه فكانت تقول له: لا تكذب فالصدق منجاة، فكان فقيهاً عالماً ملأ الدنيا علماً وجهاداً.
وفى العصر الحاضر نرى المرأة الفلسطينية (مثل أم نضال) مثالاً حياً للمرأة المسلمة المجاهدة؛ فهى قد فهمت دورها الواجب فى خدمة الإسلام وفى تحرير المقدسات وضحَّت فى سبيل ذلك بكل ما تملك فى حين تقاعس كثير من الرجال.
وكن شريكاتنا فى الجهاد إذا ما تمادى العدو المكير
فأعداؤنا قد أعدوا الحشود لنهب البلاد وعرضى الطهور
ولسنا بمن يرتضون الحياة إذا ما علاها العدو الكفور
إذا ما العِدَا دنسوا أرضنا فحق الجهاد وعمَّ النفير
بأرواحنا نفتدى كل غال ونمضى سراعا بقلب هصور
فإما إلى النصر يعلى الجباه وإما الشهادة نعم المصير
إن أبواب الدعوة فيما يتصل بدور المرأة كثيرة جداً، وهى داخلة فى عموم قوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنْ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت: 33) وقوله: (بلغوا عنى ولو آية)
وختاماً: على المرأة المسلمة أن تستعيد دورها فى نشر مبادئ الإسلام وتعاليمه السمحة فى الدائرة المحيطة بها، خاصة فى أوساط الفتيات الصغيرات والأطفال والصديقات والجارات .
فليس ما نراه فى بعض مجتمعاتنا من مظاهر انحلال وتقاليع غربية وافدة بين الأجيال الجديدة إلا نتيجة لغياب دور المرأة الدعوى والتربوى الفعال فى المجتمع.
بقلم: السعيد عبد اللطيف جاد
باحث إسلامى