admin الإدارة
الجنس : الابراج : عدد الرسائل : 309 تاريخ الميلاد : 12/06/1985 العمر : 39 العمل/الترفيه : التصميم والمونتاج المزاج : الحمد الله تمام رقم العضوية : 1 السٌّمعَة : 20 نقاط الترشيح : 491 تاريخ التسجيل : 27/07/2007
| موضوع: الدور العالمي للإسلام في العصر الحديث السبت يوليو 17, 2010 5:15 am | |
| لن يستطيع المسلمون الخروج من مشكلاتهم الصغيرة والجزئية والمبعثرة في أكثر أركان فكرهم وحياتهم إلا بالإصرار على رفض التمزق الداخلي، والانهيار النفسي الذي تُحدثه هذه المشكلات. ولن يتم لهم ذلك إلا بالإحساس بمسؤولية كونية وعالمية ليس تجاه أنفسهم ومجتمعاتهم فحسب؛ بل تجاه الإنسانية كلها. وهذا ما تحدده لنا الآية الكريمة: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (البقرة:143). وكما يقول المفكر الهندي المسلم: “وحيد الدين خان”: “فإنه لم يوجد عصر من العصور تفتحت فيه آفاق العمل لرسالة الإسلام العالمية مثل القرن العشرين، بفضل النتائج الدنيوية لثورة الإسلام التوحيدية”.
فهناك كل أنواع التأييد للفكر الإسلامي والتصور الإسلامي للكون والحياة، تقدمها العلوم الإنسانية التي تندرج تحتها علوم النفس والاجتماع والتاريخ والتشريع، كما أن ما اكتشف من حقائق الكون قد دحض بعض الأساطير التي قدمتها الأديان الأخرى، وأكّدت -في الوقت نفسه- أحقِّيّة الدين الوحيد الجدير بهذه التسمية، وهو الإسلام.
ومما قدمه العصر من وسائل العون للدعوة الإسلامية والحضارة الإسلامية: • شيوع حرية الرأي والبحث. • شيوع تدبر ظواهر الكون وتسخيرها. • شيوع المنهج العلمي والفكر التاريخي الذي قضى على الأسطورة والفكر الخرافي. • توفر الوسائل الإعلامية كأجهزة الإعلام السمعية والمرئية والمطبعة. وثمة جانب آخر خطر يساعد تحول المسلم إلى رسول حضارة إنسانية في هذا العصر بحيث ينظر إليه على أنه المنقذ من خطر الفناء الإنساني الشامل, وهذا الجانب يتمثل في الأوضاع التي انتهت إليها الحضارة الأوربية التي توشك أن تقضي على إنسانية الإنسان ومستقبله. ففي ظل هذه الحضارة لا ندري إلى أين نحن سائرون.. ولكننا نسير كما عبّر الشاعر الأمريكي “بينيه”. أما “رينيه دوبو” فيعبر عن هذا الانهيار في كتابه “إنسانية الإنسان”، ويصف الحضارة الأوربية في كلمات قليلة: “كل حياة شخصية ناجحة، وكل مدينة ناجحة عمّتْها أجهزةٌ منظمة من العلاقات التي تصل الإنسان بالمجتمع وبالطبيعة، وهذه العلاقات الأساسية تضطرب بسرعة وعمقٍ الآنَ بسبب الحياة العصرية التي نحياها. والخطورة ليست مقصورة فقط على اغتصابنا للطبيعة، بل في تهديدنا لمستقبل البشرية نفسها”. وعن “دوبو” ننقل كلمة رئيس بلدية “كليفند” متهكما: “إذا لم نكن واعين فسيذكرنا التاريخ على أننا الجيل الذي رفع إنسانا إلى القمر، بينما هو غائص إلى ركبته في الأوحال والقاذورات”. ولن نستطيع تتبع ما قاله كل المشخّصين لحضارة أوربا من أبنائها، وذلك كـ “ألكسيس كاريل” في كتابه “الإنسان ذلك المجهول”، أو “أرنولد توينبي” في دراسته للتاريخ، أو “اشبنجلر” في كتابه “عن أقوال الغرب”، أو روجيه جارودي في كتابه “حوار الحضارات”، أو “كونستاتنان جورجيو” في قصته “الساعة الخامسة والعشرون”، وهي الساعة التي يرمز بها “جورجيو” إلى أفول الحضارة الأوربية وانهيارها، واكتساح حضارة جديدة قادمة من الشرق: “حيث يكتسح رجل الشرق المجتمع الآلي، وسيستعمل النور الكهربائي لإضاءة الشوارع والبيوت؛ لكنه لن يبلغ به مرتبة الرقيق، ولن يُرفع له معابد وصوامع كما هو الحال في بربرية المجتمع الآلي الغربي. إنه لن يضيء بنور “النيون” خطوط القلب والفكر. إن رجل الشرق سيجعل نفسه سيداً للآلات والمجتمع الآلي”. إن الفكر الإنساني المتحرر المستوعب لأزمة الحضارة المادية التي تكاد تخنق إنسانية الإنسان، وتدمر الجنس البشري.. هذا الفكر الإنساني سيجد في الصياغة الإسلامية للحضارة المحضن والملاذ والملجأ؛ لكن المهم أن يدرك المسلمون دورهم، ويخططوا له ويستغلوا الإمكانات المتاحة للدعوة في هذا العصر. ويتقدموا بقلبٍ واثق مؤمن، وعقل قوي منفتح إلى الساحة التي تناديهم: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم:4-5).
أ.د / عبد الحليم عويس | |
|