admin الإدارة
الجنس : الابراج : عدد الرسائل : 309 تاريخ الميلاد : 12/06/1985 العمر : 39 العمل/الترفيه : التصميم والمونتاج المزاج : الحمد الله تمام رقم العضوية : 1 السٌّمعَة : 20 نقاط الترشيح : 491 تاريخ التسجيل : 27/07/2007
| موضوع: أمتنـا الإسـلاميـة وحصونها النفسـيـة..فكر شيخنا الغزالي الخميس مايو 12, 2011 3:50 am | |
| من وحى فكر شيخنا الغزالي.. تعبيرا ومضمونا:
أمتنـا الإسـلاميـة وحصونها النفسـيـة
ما من شك فى أن الإنسان السليم لا تغتاله الأعراض الطارئة مهما اشتدت وطأتها، ومع أن تلك الأعراض قد تسقطه فى الطريق فينكسر عظمه ولكنه لا يلبث أن ينجبر، وقد يصاب بجرح نافذ ولكنه لا يلبث أن يندمل ومرد ذلك أن قوة المقاومة فى بدنه ووفرة الحياة المذخورة عنده تجعلانه يتحمل الطعنات والصدمات، فإذا استكان لها حينا لم تمر عليه أيام حتى ينتفض من وعكتها ويستفيق من شدتها ثم يستأنف سيره فى الحياة كأنه لم يمسسه سوء. بيد أن هناك جسما آخر كمن فيه الداء واستشرت فيه العلة يمشى الهوينى على ظهر الأرض وهو يكاد يتهالك، بل إنه يكاد يخر صريعا قبل أن تنوشه ضربة أو تلقاه صدمة، فكيف إذا اعترضه خصم لدود يبغى له الأذى والفناء!! ولا ريب أن الأمم كالأفراد فى هذه الأحوال حيث ترجع قدرتها على تحمل النكسات المُرة والآلام المبرحة إلى ما يستكن فى أعصابها من طاقة وما يتدافع فى كيانها من حياة، ولا أدل على ذلك من أن المسلمين يوم أن هُزموا فى معركة أحد، لم تكن تلك الهزيمة ختام رسالة ولا مصرع إيمان، بل اعتبرت تلك الهزيمة جرحا عارضا يجب أن يتحمله الأقوياء فى غير ما ضجة، ونزل قول الله تبارك وتعالى (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُم الأَعْلَوْنَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُم قَرْحٌ فَقَد مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران:139،140). وفى التاريخ الحديث تلقت ألمانيا واليابان فى الحرب العالمية الأخيرة ضربة هائلة وتحملت كلٌ منهما فى الأنفس والأموال خسائر طاحنة ومع ذلك لم تمض أعوام قلائل حتى بدأ العمالقة يخرجون من خلال الأنقاض وعلى شفاههم ابتسامة الرجولة والمصابرة، وعادوا يديرون مصانعهم ومدارسهم ويمدون حضارة العالم بإنتاج كثيف جعل الأعداء قبل الأصدقاء يخطبون ودهم والتقرب منهم. وها هى ذى أمتنا الإسلامية وقد أصيبت منذ ما يزيد على قرن من الزمان بسلسلة من الهزائم دوختها وهدت قواها ولا تزال حتى الآن تضطرب وتترنح فى مكانها. ومن اليقين أن الداهية لم تأتها من انهزام حربى فقط، بل من داء متغلغل سرت جراثيمه فى دمها سريانا خبيثا، حتى أنها لو لم تسقط أمام خصومها الذين ناوشوها لسقطت وحدها مغشياً عليها بعد أن استهلكت آخر ما تبقى لديها من مواريث الحضارة التى آلت إليها عن الأسلاف الصالحين حتى سميت الخلافة الإسلامية فى ملكها العريض بـ «حكومة الرجل المريض»! ومن هنا هب المصلحون فى بقاع شتى من الوطن الإسلامى الكبير يعالجون العلة الدفينة ويستنقذون عقيدة التوحيد من ضروب الوثنيات الفكرية التى أوشكت على إتلافها ويحاولون بناء الحضارة الإسلامية على أصولها الأولى من حرية العقل والضمير وذلك دعما للحصون النفسية للأمة وسدًا لنقاط ضعفها. ومن البدهى أن أول ما يجب أن نستدعيه من حصوننا النفسية هو حصن العقيدة الذى يجب أن نعيشه فكرا موجها وسلوكًا مطبقا. ولنذكر فى هذا الصدد ودون مواربة ولا مداهنة أن اليهودية قد قامت إلى جوارنا دينا ودولة وها هى ماضية فى خطتها التى نشأت عليها تشعل جذوة العقيدة فى القلوب لتحيط حكومة إسرائيل بسياج من الحديد والنار، كما أن العقيدة اليهودية قد آخت تحت علم التوراة بين الوافدين إليها من يهود الأرض قاطبة، فأصبحوا صفا واحدا، يحركهم هدف واحد، ويربطهم جميعا ما وقر فى نفوسهم من أن اليهودية دين ودولة!! ويجب من ثم أن نعترف بأن العقيدة لا تهزمها إلا العقيدة، وأن انعطاف المسلمين الشديد إلى القرآن وتعاليمه وأحكامه وترابطهم باسمه ومصارحة العدو والصديق بهذه الحقيقة الواضحة هو وحده طريق التحول فى السباق القائم بيننا وبين من يبيتون لمداهمتنا. والله ولى التوفيق.
أ. د. عبـد السميع أبو الخـير عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته) | |
|