نكاح البكر:
كذلك من الأشياء أو الصفات التي حثت الشريعة عليها نكاح البكر في مواصفات المرأة، قال البخاري رحمه الله تعالى: باب نكاح الأبكار، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت: يا رسول الله! أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجراً لم يأكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: في التي لم يرتع منها) أي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها، وهذا من إدلال عائشة بنفسها؛ فإنها كانت تدلل نفسها عند النبي صلى الله عليه وسلم وتلفت نظره إلى هذا الأمر بين فترة وأخرى والنبي عليه الصلاة والسلام لم ينكح بكراً غيرها، فإذاً نكاح البكر مستحب ولا شك، وفي ذلك فوائد منها:
1- أنهن أعذب أفواهاً.
2- أنتق أرحاماً.
3- أرضى باليسير.
فهي مستعدة للحمل والإخصاب أكثر من الثيب، وكذلك فالنتق هو الرمي والنقض والحركة، وكذلك في العشرة أكمل، وكذلك فإنها أرضى باليسير، لأنها ليست ذات تجارب سابقة وتتطلع إلى الدنيا كما تتطلع أو تعرف ذلك الثيب، لكن الإنسان لا يعني هذا أنه لو وجد ثيباً ذات دين وأنه وجد المصلحة في نكاحها فإنه لا يفعل، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقر جابراً رضي الله عنه لما عدل عن البكر إلى الثيب لمصلحة وهي أن عنده أخوات صغيرات لم يشأ أن يأتي لهن بواحدة مثلهن في السن، وإنما رأى المصلحة أن يتزوج ثيباً تقوم بأمرهن فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا، مع أنه دعاه إلى هذا فقال: (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك أو تضاحكها وتضاحكك) وكذلك لو أن الإنسان تزوج بكراً وتزوج ثيباً ضمها إليه؛ لأجل الإحسان إليها، أو لأنها أرملة مثلاً، أو ليتم أولادها.. أو لنحو ذلك فهذا إنسان على خير عظيم، وهذا من الحلول التي تكون لكثرة الطلاق أو النساء الأرامل أو المطلقات الموجودات في المجتمع، فإن حث الشريعة على الزواج بالبكر ليس معناه إهمال الجانب الآخر وإنما ما هو الأفضل؟ هذا هو الأفضل. ......
الحث على الزواج بالمرأة الولود الودود:
كذلك فإن من الصفات التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى مراعاتها: الودود الولود، فقد يقول قائل: إذا كانت بكراً كيف نعرف أنها ولوداً؟ فالجواب: يعرف ذلك بأمور، منها: النظر في حال أمها وجدتها وخالاتها وعماتها، فإذا كان النسل عندهن كثيراً عرف أن هذه في الغالب ستكون على منوالهن، فإذا كانت قريباتها من أصحاب الأولاد الكثر فإنها كذلك في الغالب. ولنعلم -أيها الأخوة- أن الاختيار أمر مهم ليست المسألة تسلية أو مثل السيارة تشترى وتباع والتخلص منها سهل لا. والذين يتساهلون في مسألة التخلص من الزوجة أو يتزوج ويطلق ويتزوج ويطلق، ويقول: أجرب، نقول: هذا الشخص يرتكب عدة سلبيات بفعله ذلك، فليست المسألة بهذه السهولة، وحسن الاختيار ينبني عليه التوفيق في الحياة، فالذي يتزوج امرأة لعزها ربما لا يزداد إلا ذلة، والذي يتزوجها لمالها ربما لا يزداد إلا فقراً، والذي يتزوجها لحسبها ربما لا يزداد إلا دناءة، وأما الذي يتزوج ليحصن فرجه ويغض بصره ويصل رحمه فإن الله سبحانه وتعالى يبارك له فيها، والمسألة مسألة نية، فإذا صدق الشاب مع الله سبحانه وتعالى وفقه لاختيار الصواب؛ لأن هذه المسألة صحيح أن فيها بحث وبذل أسباب وسؤال وتحري لكن قد يخدع الإنسان.. قد يتخذ قراراً غير سليم.. قد يعمل بناءً على غلبة الظن ثم يكتشف أن ظنه في غير محله، فإذاً المسألة مسألة توفيق من الله سبحانه، لابد أن يكون فيها نية طيبة. ......
شروط غير معقولة عند طلب الزوجة:
لنعلم -أيها الإخوة- أن هذا المجتمع فيه ثغرات كثيرة، فمثلاً: المجتمع لم يلغِ الفوارق ولا يعين على تجاوزها، ولذلك تحدث كثير من المشكلات في قضية الزواج، فيرفض الشخص لأنه ليس من قبيلة معروفة، أو لأنه ليس من طبقة معينة.. ونحو ذلك، ولذلك نقول: إن الشخص لا يطرق الأبواب التي يتوقع منها الرفض فيلج بيت رجل من علية القوم يعرف أن عنده غنىً وبطراً، ثم يقول: زوجني ابنتك، وهو فقير صعلوك ويتوقع الاستهزاء به وطرده، فهذا ليس مدخلاً كريماً يدخله فيوفق فيه، لكن لو كان أبوها صالحاً لطبق الحديث: (ترضون دينه وخلقه) فزوج البنت لهذا الشاب كائناً من كان ما دام تنطبق عليه المواصفات. ولذلك نقول: على الإنسان أن يبحث عن المرأة التي تناسبه في بيئته وطبيعته ومستواه الاجتماعي والمادي حتى لا يحدث نتيجة التفاوت مشكلة في المستقبل. نعم، إن التفاوت قد لا تجعله الشريعة مقياساً وأساساً أبداً، لكن مراعاة هذا التفاوت من الحكمة التي أمرت بها الشريعة، ولذلك الإنسان يحرص أن يأخذ من هي قريبة منه في مستواه وطبقته فهذا أحرى أن يؤدم بينهما. وبعض الناس قد يشترط شروطاً، فيقول: أريدها طالبة علم وجميلة ومن بيت معين، ويشترط شروطاً كثيرة لا تجتمع إلا في النادر، ويقول: أنا مستعد أن أنتظر سنة وسنتين وثلاث وخمس ليس مهماً عندي، فنقول: كيف هذا؟ كيف تمكث هذه الفترة من حياتك فترة طويلة في عالم الفتن وتضيف شرطاً إلى شرط وتعقد المسألة، وكلما أتيح لك المجال قلت: بقي شرط واحد لم يتوفر، فنقول: هذا من قلة العقل، وبعضهم يقول: أريد فتاة تعرف الطبخ حتى تبيض وجهي مع ضيوفي، فنقول: خذها ولو كانت لا تحسنه فإن الطبخ من شيم النساء وهي مفطورة على سرعة تعلمه والقيام بالبيت فستتعلم إن شاء الله، يندر أن نسمع أن امرأة بقيت عشرين سنة لا تحسن الطبخ بل إنها في الغالب ستتقنه ولو بعد حين. وبعض الشباب قد لا يبالي بالزواج من المرأة التي تكون في البيئة المترفة، ثم يحصل له انتكاسة وصدمة، فإن الفتيات اللاتي يعشن في البيئات المترفة في الغالب لا تعرف كيف تطبخ ولا كيف تنظف ولا كيف تكوي الملابس.. ونحو ذلك، وربما إذا أرادت أن تتزوج أتت معها بخادمة أمها لأنها كانت مترفة في تلك البيئة فهي لا تصلح أن تكون ربة منزل ولا أن تدبر شئونه. ولكن المسألة وسط.. فالإنسان هو الذي يبحث عن امرأة جادة ليست من بيئة مترفة أو عندها استعداد للتغيير ولو كانت في بيئة مترفة، المهم أن تكون صاحبة دين، ثم ينبغي أن يصبر عليها ريثما تتعلم شئون منزلها وتتعلم الطبخ والغسل والتنظيف.. ونحو ذلك، فإنها قد تكون ذات أم، أو عندها خدم في البيت يقومون بكل شيء، فلذلك لا تنشأ متعلمة لهذه الأشياء، لكن على الشاب ألا يتوقع أن تكون الزوجة هذه تعطيه خدمة فندقية من فئة خمسة نجوم، فإن بعض الناس يريد ذلك ويتوقعه.. يريد زوجة تعطيه من البداية خدمة ممتازة، فنقول: حلمك وصبرك فإذا كان عندك رفق فسيأتي المطلوب بإذن الله تعالى.